المنارة..
كانت المآذن تسمى المنارات وهي عبارة عن أبراج متطاولة ترتفع عاليا فوق بناء المسجد لتصبح مرئية من مسافة كبيرة وكأنها تدل أو تشير نحو السماء أو كأنها تشكل مع المسجد كفا يشير بإصبع سبابته بالشهادة نحو السماء.
والمئذنة هي الوجه الأول الخارجي والمحدد الرئيسي لشخصية الجامع أو المسجد.
هناك خلاف حول أول مئذنة في التاريخ الإسلامي فمن الباحثين من قال أنها مئذنة الجامع الأموي، ومنهم من قال أنها مئذنة تمت إضافتها إلى مسجد بالبصرة..
من مهام المنارة الأساسية صعود المؤذن إلى آخرها ورفع الأذان من أعلى نقطة ممكنة كي يسمع أكبر قدر ممكن من الناس ولهذا سميت بالمئذنة.
للمآذن أنماط مختلفة تغيرت حسب الحقب التاريخية وتبدل مكان عاصمة الإسلام التي كانت توجه دفة العمارة وتجددها بطريقة أو بأخرى، فمنها الأموي ومنها العباسي ومنها الفاطمي ومنها المملوكي ومنها العثماني ومنها ما جميع بين الأنماط السابقة وزاوج بينها فخرج بأشكال جديدة مختلفة ونماذج متنوعة.
وعلى سبيل المثال أذكر بعض أنماط للمآذن:
المئذنة المربعة: كمئذنة الجامع الأموي في دمشق ومئذنة مجموعة السلطان قلاوون في القاهرة.
المئذنة الأسطوانية كمئذنة التكية السليمانية في دمشق ومئذنة مسجد محمد علي في القاهرة.
المئذنة المضلعة كمئذنة الأزهر في القاهرة ومئذنة عيسى في الأموي في دمشق.
المئذنة الحلزونية كمئذنة جامع ابن طولون في القاهرة.
المئذنة المزدوجة كمئذنة قايتباي الرماح ومئذنة الأزهر في القاهرة.
وتعد دمشق والقاهرة متحفا حقيقيا لأنماط العمارة الإسلامية وخاصة المآذن لأنهما احتوتا على العديد من الأنماط مجتمعة في المدينة ذاتها حسب تعدد الحقب والأحوال والتمايزات الحضارية.
حيث كان كل خليفة جديد يبني مسجدا بمئذنة ذات طراز جديد أو محدّث، أو على الأقل يضيف مئذنة جديدة إلى مسجد يعود إلى حقبة سابقة لحقبته.. فيكون في المسجد الواحد عدة مآذن من طرز وأنماط مختلفة.
ويقال أن القاهرة وحدها فيها أكبر عدد من المآذن مجتمعة في مدينة واحدة, ولهذا سميت: مدينة الألف مئذنة. ويستطيع المتأمل لشارع المعز وحده في المدينة القديمة أن يستغرق في تأمل تلك المنارات الرائعة التي تشير جميعها إلى السماء رافعة عبق التوحيد على أكف الجمال المزخرف والعمارة الرائعة.
محمد الحموي