الرسام الإسباني بابلو بيكاسو
يخرج الفنّ الإسلامي من المفهوم الفنّي الشخصي ليدخل إلى الحيز العام الموجه لخدمة الحياة.
فشخصية الفنّان المسلم ذائبة تماماً في أعماله, وهو عادة غير مهتم بإظهار اسمه فوق العمل أو القطعة الفنية الخاصة به (كعادة الفنانين) طالما أن نتائج عمله المبدع تخرج إلى الوجود وتعلن عن نفسها صراحة كتوقيع مستمر ومرتبط ارتباطا أبديّا بالأمكنة المهمّة التي ظهرت فيها.
ويبدو أنه لم تكن هناك حاجة للبحث عن الهوية الشخصية عند الفنان المسلم, فالهم الأساسي بالنسبة إليه كان يكمن في تحقيق رضا الله تعالى وتقديم المنفعة لأفراد مجتمعه ضمن إحسانه وإتقانه, وهذا ما جعل الأعمال الفنية في المجتمع الإسلامي خالية التوقيع.
وأحب أن أنقل هنا كلاما جميلا من مقالة الدكتور كاظم شمهود حول الأمر:
“الملاحظ في الفن الإسلامي إن فن الأنا غير موجودة (على العموم) بل تختفي الصفات الخاصة بالصفات العامة للفن بينما نرى الفن الأوروبي خاصة الفن الحديث انه فن فنانين. فالمتأمل في أعمال دافنشي أو رمبرانت أو بيكاسو وغيرهم، يجد أن كل واحد منهم له خصوصية ومعالجة ينفرد بها عن غيره من الفنانين… ولهذا فمن السهل معرفة أعمال بيكاسو ودالي وفان جوخ أو غيرهم.
وكانت المدرسة التكعيبية هي أول من نادى بالبحث عن هوية وخصوصية الفنان في العمل الفني وقد وضعت صيغة معينة لوظيفة العمل الفني وتذوقه ومعرفته. فبدلاً من أن تكون صيغة المعرف على الطريقة: لوحة + مشاهد. أصبحت: لوحة + فنان + مشاهد.
فالفن الإسلامي فن عام غير شخصي بمعنى: فن واحد أو طراز واحد. فالفنان المسلم في أي بلد من بلدان العالم الإسلامي لا يعبر عن الطبيعة أو الحقيقة أو عن شعوره تعبيراً خاصاً يميزه عن غيره من الفنانين وإنما نراه في كثير من الأحيان يتبع الطرق القديمة ويسير على الأساليب الموروثة. فالفنان الماهر يومذاك هو ذلك الذي يفوق غيره في عملية إتقان الرسم أو زخرفته.
ولهذا يذكر الدكتور زكي محمد حسن وكثير من المؤرخين الأجانب بأنه يكاد يتعذر القول إن هناك في الفن الإسلامي اتجاها عربياً أو فارسياً أو تركياً أو هندياً… وإنما هناك هوية عامة وفن وطراز عام تنضوي تحته مدارس كثيرة لها خصوصية محلية أخذتها من تقاليدها وعاداتها الموروثة كمدرسة بغداد (السلجوقية) والمدرسة الصفوة والمدرسة التركية والهندية والمغولية والتيمورية والأندلسية”.
رابط المقالة كاملة:
http://www.14october.com/news.aspx?newsno=3004105
محمد الحموي