يحيى بن محمود الواسطي
من أشهر الرسامين في العصر العباسي، ومن الدعائم الرئيسية في مدرسة التصوير التي ازدهرت في تلك الفترة في بغداد.
عاش في القرن الثالث عشر الميلادي، وهو رسام وخطاط ولد في بلدة واسط في جنوب العراق.
انفرد برسم المنمنات (لوحات ورسوم توضيحية illustrations) المرافقة لكتاب مقامات الحريري عام 1237 م، ةهي حوالي مائة لوحة تعبر عن خمسين مقامة. والمقامة هي قصة قصيرة ترفيهية اشتهرت في ذلك العصر.
ويقال أن عمله هذا كان أول عمل في التصوير العربي نعرف اسم من رسمه.
تميزت رسوم المقامات بتصويرها للعادات والتقاليد الخاصة بالعصر العباسي.. حيث قدمت المخطوطات بتفاصيلها معلومات تاريخية ومميزة عن العصر العباسي. حيث نستطيع التعرف على قافلة الحج وأشكال الملابس وشكل البيوت وأطباق الطعام.
لكتاب مقامات الحريري نسختان.. الأولى محفوظة في المكتبة الوطنية بباريس والثانية في مكتبة سانت بطرسبرك بروسيا.
يعتبر الواسطي مؤسس مدرسة بغداد للتصوير والرسوم الإيضاحية أو المنمنمات حيث يبرز كمعلم مبتكر لفنه فرض القواعد الخاصة به بدلا من الخضوع للأصول الفنية التقليدية. ويذكر عنه بأنه كان مثقا واسع الاطلاع.
كان يصنع ألوانه بنفسه.. حيث كان يستعمل الحبر الأسود ويخلطه ببقايا حرق ألياف الكافور ويمزجها بزيت الخردل وبعض الألوان الأخرى التي كان يقوم بتحضيرها بنفسه.
من أهم ميزات أسلوب الواسطي اهتمامه بتماسك التكوين.. بحيث تتكامل عناصر العمل الفني في شكل لوحة متينة البناء متراصة العناصر.. فلكل عنصر من العناصر وظيفة جمالية وكلها مترابطة في بساطه ووضوح.
كما نلاحظ التزامه بالميزة المشهورة في فن التصوير العربي وهي ما تسمى بـ “احترام السطح”. ومعنى هذا أن الفنان لا يعطي في رسومه احساسا بالعمق ولا يتقيد بفرض منظومة ثلاثية الأبعاد بالظل والنور وإنما يبقي على عناصره طافية على السطح دون بعد ثالث. ويستبدل ذلك بترتيب العناصر خلف بعضها حيث يختفي البعيد وراء القريب فتظهر العناصر مرسومة بمساحات لونية ليس فيها أي تدرج. ومع ذلك يسهل معرفة البعيد والقريب.