نزهةفي حديقة الأسود وجنة العريف بين فناء الريحان ونوافير الخيال!!
للمكان صوت وللحجارة غناء.. وللزخارف سحر ممتد يقطع التاريخ ويعلن الهوية.. كقصيدة أزلية لا تهتم بتغيير السلالات ولا بهمجية الحرب والولاءات.
شعور عارم يغطي قبح التاريخ وفظاعة الأحداث بجمال حضاري وإرث محفور فوق الجدران.. بعبارة خالدة وغيب موازِ للحياة:
((لا غالب إلا الله))
تظهر الحقيقة الزخرفية للفن الإسلامي بأبهى حضورها في النظام الزخرفي المعقد في قصر الحمراء في غرناطة بإسبانيا.. القصر الذي تم اعتباره من كنوز إسبانيا الاثني عشر.. والذي يزوره سنويا أكثر من ثلاثة مليون إنسان، ويعتبر ثروة قومية بمعدل 35 يورو للتذكرة.. أي حوالي 100 مليون يورو سنويا فقط للتذاكر، دون أن نحتسب بقية المكاسب السياحية.
بدأ تشييد قصر الحمراء خلال النصف الثاني من القرن الثالث عشر الميلادي على يد بنو الأحمر وهم آخر سلالة مسلمة حكمت إسبانيا، وقد تم البناء عبر 150 عاما على ما يذكر تاريخيا بدءاً من (1238م).
يقع القصر على بعد 430 كيلومتر جنوب مدينة مدريد حاليا.
تفاصيل معمارية:
1730مترًا (تقريبا 1ميل) من الجدران، وبضع وثلاثون برجًا بأحجام مختلفة تحيط بمنطقة القصر التي لها أربع بوابات رئيسية.
تبلغ مساحة القصر حوالي 26 فدانًا، وتشمل مسكن العائلة الحاكمة، القلعة، منشآت الحراسة، ومنطقة تسمى المدينة، حيث عاش مسؤولو البلاط.
ترتبط كل هذه الأجزاء المختلفة بمسارات وحدائق وبوابات.
المكان كما يصفه زواره فردوس أرضي يمزج تألق الطبيعة مع تفوق الهندسة.. وتعقد المعمار مع رهافة التزيين وألق الزخارف في أوج حضورها وثقلها الحضاري.
وحيث تتنقل بين تلك الأجزاء ترافقك أصوات المياه الجارية والأغصان المكملة لمنظومة الزخارف، دون شذوذ أو إقحام.. وكأن المكونين باتا مكونا واحدا متناغما.
وإن صرفنا النظر عن بذخ الأمر المبالغ به، فالجمال الصرف والثقل الحضاري البالغ هو ما يمكن فعلا أن نبني عليه رؤيتنا وتأملنا في هذا المكان، الذي بني ليبقى شاهدا حياديا بعد أهله وأعدائه ومن تمتعوا ببذخه من الطرفين.
معالـــم
قاعة السفراء:
وهي غرفة كبيرة تعرض تشكيلة واسعة ومعقدة من البهاء الزخرفي والمعماري.. حيث تضيء النوافذ الهلالية الغرفة وتدعو الزائر في الوقت نفسه لإطلالات ساحرة خيالية.
على مستوى النظر تظهر الأنماط الهندسية المتشابكة التي رصفت لتزيين الجدران.. أما تتمة الأسطح فغطتها زخارف جصية منحوتة ومتداخلة في أشرطة تحمل أشكال وعبارات خطية.
هناك حيث يمكن للزائر أن يغرق في صمت متأمل لساعات في حضرة جمال تجريدي مفرط ما بين تداخل الأشكال والترددات اللونية المنتقاة.
نافورة قصر الأسود:
إبداع حضاري يربط الهندسة بالجمال والرخاء والأسرار الميكانيكية المتطورة.
نافورة بنظام هيدروليكي معقد، تتكون من حوض رخامي محمول على ظهر اثني عشر أسدًا حجريًا منحوتًا تقع عند تقاطع قناتين مائيتين تتوسطان فناءً مستطيلاً. يحيط به رواق مقنطر يحمل نقوشًا جصية معرشة مع سلسلة من الأعمدة المزخرفة الرشيقة.
يذكر بأن مخارج المياه قد تعطلت في هذه البركة حين حاول الأسبان التعرف على سر انتظام تدفق المياه بالمؤقت الميكانيكي الزمني الذي كانت عليه، ولم يستطع المهندسون وقتئذ اكتشاف سر تشغيلها الهيدروليكي.
قاعة الملوك:
عبر الفناء وإلى الشرق توجد قاعة الملوك، وهي مساحة مستطيلة مقسمة إلى أقسام باستخدام سلسلة من الأقواس؛ تحتوي الغرفة على تجاويف متعددة، بعضها يتمتع بإطلالة واسعة على الفناء.
تحتوي هذه الغرفة على لوحات ملفتة على السقف بألوان قوية وتفاصيل دقيقة تمثل سلسلة ملوك بني الأحمر الذين تتابعوا في حكم مملكة غرناطة.
قصر البرطل:
ويُعرف أيضًا باسم قصر الرواق بسبب الرواق المكون من خمسة أقواس على أحد طرفي حوض كبير.
جنة العريف:
بالقرب من قصر الحمراء وعلى بعد 1000م منه يوجد قصر جنة العريف، الذي يقع شمال شرقي قصر الحمراء فوق ربوة مستقلة تنأى به عن الضوضاء، ومن ورائه جبال الثلج.
وقد غرست في ساحات القصر وأفنيته الرياحين والزهور فائقة الجمال حتى أصبح القصر مضربا للمثل بظلاله الممدودة وسواقيه المسكوبة ونسائمه التي تمزج كل تلك المكونات بتفرد من الصعب تقليده.
وقد اتخذ ملوك غرناطة هذا القصر منتزهًا للراحة والاستجمام.
مجموعة من الصور لقصر الحمراء
وأقسامه المختلفة
الصور لمصورين مختلفين تحت كل صورة تجد اسم المصور
بقلم محمد الحموي